ماذا يحدث لمن يكتم البول أو الريح أثناء الصلاة وهل يقبل الله صلاته إياك أن تفعلها بعد الآن
شروط الإمامة في الصلاة
الإمامة في الصلاة لها شروطها وأحكامها، وقد بحث أهل العلم هذه المسألة بالتّفصيل نظراً لأهميتها في صحة صلاة الإمام والمأموم، واتّفق جمهور العلماء على جُلِّ هذه الشروط، وفيما يأتي تفصيل المسألة عند المذاهب الفقهية المعتبرة.
شروط الإمامة في الصلاة عند الحنفيّة
اشترط الحنفيّة عدّة شروطٍ لصحّة الإمامة في الصلاة، وبيانها فيما يأتي شروط الإمام: يُشترَط في الإمام عند الحنفيّة: الإسلام؛ فلا تصحّ الإمامة إلّا من المسلم. البلوغ، والعقل؛ فلا تصحّ صلاة الصبي المميّز، واعتبروا أنّ صلاة الصبيّ نفلٌ، ولا يؤمّ من يصلّي الفرض. الذكورة؛ فلا تصحّ إمامة المرأة للرجال؛ سواءً في الفرض، أو النَّفل، وتجوز لها إمامة النساء مع الكراهة، كما لا تصحّ الإمامة من الخُنثى. إتقان القراءة وإجادتها، وأقلّ القراءة آية، وقِيل: ثلاث آياتٍ؛ فلا تجوز الإمامة من الأمّي، أو الأخرس، أو من عنده اضطرابٌ في الكلام؛ من تكرارٍ، أو احتباسٍ لأحد الحروف.
السلامة من الأعذار؛ وهي الأعذار التي تُصيب البعض وتُلزمهم، مثل الرّعاف الدائم، وسلس البول، وانفلات الرّيح. توفُّر شروط صحّة الصلاة جميعها؛ إذ تُشترَط إمامة مَن امتلك شروط صحّة الصلاة جميعها، ولا تجوز لِمَن فقدَ شرطاً منها، كالطهارة، وسَتر العورة. شروط المأموم: اشترط الحنفيّة في المأموم في صلاة الجماعة: النيّة في متابعة الإمام، ولا يجوز للمُؤتَمّ أن يُصلّي مع الإمام بفريضةٍ أخرى غير التي يُصلّيها الإمام، وإن كان الإمام يُصلّي نَفْلاً، فلا يُقتدى به في الفرض؛ إذ لا يُبنى القويّ على الضعيف، ويجوز له أن يُصلّي مع الإمام النافلة في صلاة الفرض، كما لا يجوز الاقتداء بالمَسبوق في صلاته. الوقوف خلف الإمام، أو بمُحاذاته؛ إذ يجب على المُؤتَمّ أن يقف وراء الإمام، أو مُحاذياً له؛ فلا تصحّ صلاة مَن يُصلّي أمام الإمام. المتابعة بين الصفوف؛ وذلك بألّا تُفرّق بين الإمام والمأموم نساءٌ، أو نهرٌ، أو شارعٌ، وذلك إن كانت الصلاة خارج المسجد، ويجوز الفَصل في المسجد؛ باعتبار المسجد بقعةً واحدةً، ولا يجوز الفصل بحائطٍ كبيرٍ ممّا يُحدِث لَبْساً وشكّاً في الصلاة، بحيث لا يعلم المُقتدي حال الإمام، إلّا إن استطاع التمييز بصوت الإمام، أو رؤيته؛ لِما ورد عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ في حُجْرَتِهِ، وجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بصَلَاتِهِ)
اقتداء المسافر بالمُقيم إن كانت الصلاة الرباعيّة تُؤدّى في وقتها، ويُؤدّيها المسافر أربعاً دون قَصْرٍ، أمّا إن كانت قضاءً، فلا يقتدي المسافر بالمُقيم؛ إذ إنّ الجلوس الأوّل يكون واجباً في حَقّ الإمام المُقيم، وفَرضاً في حَقّ المُقتدي المسافر؛ فقد ورد عن أبي مجلز (قلتُ لابنِ عمرَ المسافرُ يُدرِكُ ركعتينِ من صلاةِ القومِ يعني المقيمينَ أَتُجْزِيهِ الركعتانِ أو يُصلِّي بصلاتِهم قال فضحكَ وقال يُصلِّي بصلاتِهم). اقتران المقتدي بالإمام إن كانا على راحلةٍ ما؛ إذ تصحّ الإمامة إن كانا على راحلةٍ واحدةٍ، أمّا إن افترقا فلا تصحّ، كما لا تصحّ إن كان الإمام راكباً والمُقتدي واقفاً، أو العكس.
شروط الإمامة في الصلاة عند المالكيّة
اشترط المالكيّة لصحّة الإمامة في الصلاة عدّة شروطٍ، وهي: شروط الإمام: وهي: الإسلام؛ فلا يصحّ الاقتداء إلّا بمسلمٍ. البلوغ؛ فلا يصحّ اقتداء المُصليّ بالصبيّ ولو كان مُميّزاً وذلك في الفرض، ويجوز في النافلة. العقل؛ فلا تصحّ الإمامة من المجنون، وإن كان يجنّ ويفيق، فتصحّ إمامته حال إفاقته. الذكورة؛ فلا يصحّ الاقتداء بالمرأة؛ سواء في الفرض، أو النَّفل، وتصحّ إمامة المرأة للنساء. الطهارة من الحَدَث والنجس. عدم المأمويّة؛ أي عدم الاقتداء بالمَسبوق في صلاته. القدرة على أداء الأركان القوليّة والفِعليّة للصلاة؛ أي أن يكون الإمام قارئاً يُحسن قراءة ما لا تقوم الصلاة إلّا به. العِلم بما تتحقّق الصلاة به من الأركان والشروط. الحُرّية والإقامة، وهما شرطان مُتعلّقان بصلاة الجمعة. عدم الابتداع في الدِّين.
شروط المأموم
وهي: نيّة الاقتداء بالإمام؛ أي أن ينوي المُقتدي الاقتداء بالإمام من أوّل الصلاة؛ فلا يصحّ الانتقال من الانفراد إلى الجماعة، أو العكس. المُساواة بين الإمام والمُقتدي، وذلك في كلٍّ من ذات الصلاة؛ فلا يصحّ اقتداء المفترض في صلاته بالمُتنفِّل، وفي صفة الصلاة إن كانت أداءً، أو قضاءً؛ إذ لا يصحّ الأداء خلف القضاء، أو العكس، ويصحّ اقتداء المسافر بالمُقيم بشرط إتمام الصلاة الرباعيّة. المُتابعة؛ إذ تُشترَط على المأموم مُتابعة إمامه؛ فلا تكون أفعال المُؤتَمّ سابقةً، ولا مساويةً لأفعال الإمام، وألّا يتأخّر عنه أيضاً؛ لحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (أيُّها النَّاسُ، إنِّي إمَامُكُمْ، فلا تَسْبِقُونِي بالرُّكُوعِ ولَا بالسُّجُودِ، ولَا بالقِيَامِ ولَا بالانْصِرَافِ). صحّة صلاة الجماعة خارج المسجد وإن فصلَ بين الإمام والمأموم نهرٌ، أو حائطٌ، بشرط إدراك المأموم للإمام، وسماعه، وتُستثنى من ذلك صلاة الجمعة
شروط الإمامة في الصلاة عند الشافعيّة
تُشترَط لصحّة الإمامة عند الشافعيّة عدّة أمورٍ تتعلّق بالإمام، والمأموم، وهي نيّة الإمامة؛ سواءً نيّة القدوة، أو الاقتداء. الطهارة؛ وذلك بعدم بُطلان صلاة الإمام بحَدثٍ، أو غيره، وعدم عِلْم المُقتدي بوجوب قضاء الصلاة على الإمام، كأن يكون فاقداً للطهارة. عدم الاقتداء بالمَسبوق في صلاته. إجادة القراءة، وعدم الأمّية. الاقتداء خلف الإمام، ولا يصحّ التقدُّم عليه، وتصحّ المُحاذاة له. مُتابعة الإمام في أفعاله، والعلم بها، وتوافُق أفعالهما. اجتماع الإمام مع المُقتدين في مسجدٍ واحدٍ، وعدم الفَصْل بينهما خارج المسجد بمسافةٍ طويلةٍ، أو بجدارٍ، أو بابٍ مُغلقٍ، ولا يُخلّ الفصل بالشارع، أو النهر، ويُكرَه عُلوّ الإمام أو المُقتدي على الآخر. صحّة الاقتداء أداءً بالقضاء، والعكس، وأداء الفرض بالنفل، والعكس أيضاً
شروط الإمامة في الصلاة عند الحنابلة
اشترط الحنابلة في الإمامة للصلاة الأمور الآتية الإسلام؛ فلا بُدّ للإمام من أن يكون مسلماً. العدالة، وعدم الفِسق، أو الابتداع في الدِّين. العقل والبلوغ؛ فلا تصحّ إمامة المجنون، أو الصبيّ ولو كان مُميّزاً إلّا إن كان المُصلّون مثله؛ سواء في الفرض، أو النَّفل. القراءة، وإجادة تلاوة القرآن الكريم. الذكورة؛ فلا تصحّ إمامة المرأة، أو الخُنثى للرجال، وإنّما بمِثلهم. الطهارة من الحَدث والخبث. سلامة الإمام من الأعذار، كسلس البول، أو الإسهال، أو الانفلات بالريح، أو غير ذلك، وسلامة المرأة من الاستحاضة. قدرة الإمام على القيام، وعدم عَجزه. النيّة في بداية الصلاة؛ لكلٍّ من الإمام والمأموم. الاقتداء بالإمام فقط؛ فلا يجوز اقتداء المُصلّي بمُصلٍّ مثله إلّا بعد تسليم الإمام من صلاته؛ إذ يصحّ اقتداء المأموم بالمَسبوق في صلاته بعد تسليم الإمام إلّا في صلاة الجمعة. موافقة نظم الصلاة بين الإمام والمأموم؛ إذ لا تصحّ صلاة كسوف أو جمعة -مثلاً- خلف من يصلي غيرهما، أو العكس، لأنه يؤدّي إلى المخالفة في الأفعال، استناداً إلى ما ثبت أنّ الإمام ليؤتمّ به، أمّا إنْ كانت صلاة الإمام والمأموم واحدة لكن اختلفت نية كلّ منهما، أداءً وقضاءً، صحّت الصلاة، وإنْ اختلف الفرض فلا يصحّ الاقتداء، كصلاة ظهر خلف إمام يصلي العصر، ولا يصحّ للإمام إن كان يصلي صلاة نافلة أن يؤمّ مفترضاً، وفي رواية عندهم أنّه يصحّ أن يؤمّ المتنفل مفترضاً. المُتابعة؛ أي متابعة المأموم للإمام في الأفعال، ولا تجوز مسابقته في أيّ فِعلٍ. المُتابعة في الصفوف؛ فلا يصحّ التقدُّم على الإمام في الصلاة، ولا يصحّ الفَصْل بين الإمام والمُصلّين إلّا إن كانت الصلاة في المسجد، بشرط عدم وجود حائلٍ يمنع من متابعة الإمام. الوقوف إلى يمين الإمام إن كان المأموم واحداً، وعن يمينه ويساره إن كانا اثنين، والمرأة تقتدي بهم في الخلف، والسنّة للإمام الوقوف في وسط الصف، وألّا يعلوَ عليهم
آداب الإمامة في الصلاة
آداب الإمام يُستحسَن للإمام التحلّي بعدّة آدابٍ بإمامته للصلاة، بيان بعضها فيما يأتي التخفيف في الصلاة؛ وذلك بعدم إطالة القراءة، والتخفيف على المُصلّين؛ إذ يحضر الصلاة مختلف أنواع المُصلّين؛ من كبيرٍ، ومريضٍ، وصغيرٍ، وعاجزٍ، وغيرهم، وقد وردت عدّة أدلةٍ في السنّة تؤكّد على التخفيف في الصلاة، ومنها ما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عقبة بن عمرو: (قَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ في الفَجْرِ ممَّا يُطِيلُ بنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما رَأَيْتُهُ غَضِبَ في مَوْضِعٍ كانَ أَشَدَّ غَضَبًا منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فمَن أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فإنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ). تخفيف القراءة في الركعة الثانية من الصلاة بالنظر إلى القراءة في الركعة الأولى؛ فقد ورد عن أبي سعيد الخدري: (لقَدْ كانَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ تُقامُ فَيَذْهَبُ الذّاهِبُ إلى البَقِيعِ فَيَقْضِي حاجَتَهُ. ثُمَّ يَتَوَضَّأُ. ثُمَّ يَأْتي ورَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في الرَّكْعَةِ الأُولَى ممَّا يُطَوِّلُها). مُراعاة أحوال المُصلّين، والتيسير عليهم بما لا يخالف السنّة النبويّة؛ فقد ورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-: (والعِشَاءَ أحْيَانًا وأَحْيَانًا، إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذَا رَآهُمْ أبْطَؤُوا أخَّرَ) انتظار الإمام، وتمهُّله قليلاً بعد السلام من الفريضة؛ اقتداءً برسول الله -عليه الصلاة والسلام-؛ فقد ورد عن أمّ سلمة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ، ويَمْكُثُ هو في مَقَامِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أنْ يَقُومَ). إقبال الإمام على المُصلّين بوجهه كما جاء عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ ما يقولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ). الدعاء للمسلمين كافّةً، وعدم اختصاص الإمام نفسه فقط بالدعاء. توجُّه الإمام إلى المُصلّين يميناً ويساراً؛ لِما ثبت في الصحيح عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنهما-: (لا يَجْعَلْ أحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ شيئًا مِن صَلَاتِهِ يَرَى أنَّ حَقًّا عليه أنْ لا يَنْصَرِفَ إلَّا عن يَمِينِهِ لقَدْ رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عن يَسَارِهِ)
الإمامة في الصلاة وفَضْلها
الإمامة في اللغة مصدراً من الفعل (أَمَّ)، وتُعرَّف بأنّها: التقدُّم والترأُّس، يُقال: أمَّ القومَ؛ أي تقدَّمهم وترأَّسهم، وإمامة الصلاة: تقدُّم رجلٍ للمُصلّين قائداً لهم في صلاتهم؛ ليقتدوا به، وتُقسَم الإمامة إلى قسمَين؛ إمامةٌ كُبرى، وهي: خلافة المسلمين، وإرشادهم، وهدايتهم، والاهتمام بأمورهم، وإمامةٌ صُغرى، وهي: الإمامة في الصلاة مَبنيّةٌ على مرجعيّةٍ شرعيّةٍ يترتّب عليها فَضْلٌ عظيمٌ؛ فالأحقّ بالإمامة الأكثر إجادة لتلاوة كتاب الله؛ لقَوْله -صلّى الله عليه وسلّم- (يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ). مَنح الإمام مكانةً ومنزلةً رفيعةً؛ باتِّباع المسلمين له، والاقتداء بأفعاله الصالحة؛ فقد قال الله -تعالى- (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ). ترتُّب الفَضْل العظيم عليها؛ فقد دعا النبيّ -عليه الصلاة والسلام- للأئمّة بالإرشاد، فقال: (الإمامُ ضامنٌ والمُؤذِّنُ مُؤتَمَنٌ فأرشَد اللهُ الأئمَّةَ وغفَر للمُؤذِّنينَ) كما أنّ الإمام يكون ذا علمٍ ومعرفةٍ بأمور الدِّين. ضمان الإمام لصلاته، وصلاة مأموميه معه، قال -عليه الصلاة والسلام- (يُصَلُّونَ لَكُمْ، فإنْ أصَابُوا فَلَكُمْ، وإنْ أخْطَئُوا فَلَكُمْ وعليهم) فالإمام يتحمّل النقص أو الزيادة التي قد تطرأ على الصلاة، ممّا يدلّ على الحِمل الذي يحمله الإمام، وعِظم شأن الإمامة عند الله -تعالى